كيه االللطلفلظ 11
ملحت 10 عممعم م ١ 8110 1 اام 020 ا 081 18 7 طارانااالا 1914-2
لا 6801/1 الام
لم يسبق ان صدر كتاب يروي بهذه الشمولية والسعة والعمق. قصصة الشرق الأوسط ولم يسيبق ان تناول وسرد كتاب واحد, في مجلد واحد؛ كيف ولماذا؛ ومن منطلق أية آمال ومخاوف ومشاعر وأخطاء وحالات سوء فهم, انخذت تلك القرارات السرية والعلنية التي ولد منها الشرق الاوسط الحديث.
فلقد ظلت الروابسات الرسمية (الروسية والفرنسية والدريطانية) حتى الآن من عمل الدعاية. وكانت في أحسن حالاتها موجهة حسب الأهواء. وفي أسوا حالاتها من صنع الخبال. أما الحقيقة التي بعتمدها الكتاب فقد ظهرت على مدى عقود من الستين نتفاً. نتفأ, ثم تكشّفت دفعة واحدة عقب فتح محفوظات الوثائق الرسمية والأوراق الخاصة التي ظلت سيرية حتى عام 191/4. إن هذا الكتاب يحل للمرة الاولى أكثر الالغاز السياسية غمصوضما والتي رسمت الفجوات الاساسية لزلازل الشرق الاوسط المستمرة طوال هذا القرن.
إنه اول كتاب يضع عملية خلق الشرق الاوسط في إطاره الواسع. في الزمن الذي تتوجت به سياسات القرن التاسع
سق سام ||| الاااااا الأو لى.
1*2 3
المؤلف
دافيد فرومكين محام أميركي متخصص في القانون الدولي. صدر له من قبل كتابان: باستقلال الأمم, و «مسألة الحكومة». كتب في القضايا الدولية في مجلة «فورين آفيزه وشيرها. يعيش في نيويورك. وهو عضو في مجلس العلاقات الخارجية» الأميركي.
المترجم
متخصص ف حقل الترجمة. د يعيش ف دمشق ويعمل ف التاليف.
الغلاف: لوحة للفنان الاستشراقي ف. كولمان
سلام مايعده سلام
ولادة الشدرقالأاوسّط ١112-11
دافيد فرومكين
تججة : اأسعدكامل اليَاسٌ
492
ليام نافع
م0 5 - 1010017 لكشيدن _ متبر-د
لعشطط بآنآذ رالاظ 10 طب فطط م اعمط 11001[ مرع 1400 116 وناوء 0
1914- 2
لا8
241710 0111510
متطسمظ لتجد7[ نر 1989 © اطع مم0 1١ 2 دمملع هنا لعانهدنآ عط صز لع طاكناطسط أسلط ممنتل8 عتطمجم لآ ه80 وعنإوة81-11 1150 1992 © أعرم00 عأطورم ما اع 56 7181 51112 «ولهمآ1 0
501قة تأر[ - 7038 :80 2:0 :0501105
عأطقانةة 245(آ ممتأوعتاطنظ مذ عمتنع م221 مدرطئنا طكتام8
1358(/ 1-85513-163-3
جميع الحقوق العربية محفوظة ل: شركة رياض الريّس للكتب والنشر لندن بإذن خاص من المؤلف
ملق لأطنام قلطا كه امهم 810 .لع ووم فاطو ااه لقاع تماع: 8 هذ لع:560 رلععنلونمع: عم (13ر /0ة لإا 01 م10 لإلة صل لع ]أ ضكشرهما :0 ,للتعأوزة رع الإهمع010ام ,لمعتسمقاءع21 ,عتمماععاع رومفعمر 551011 عم 21101 أنامط )!ا رعوا برع طاه 02 عمألجممع] لع حاوتاطنام عط 1ه ومنال دا
الطبعة الأولى: كانون الأول / ديسمير 1447
«بعد الحرب التي قصد بها انهاء الحروب؛
يبدو انهم نجحوا في باريس نجاح أ تامأ
في تحقيق «سلام ينهي السلام»».
أرشيبائد ويفل (في ما بعد الفيلد مارشال ايرل ويفل),
الضابط الذي خدم تحث قيادة اللنبي في حملة فلسطين,
تعقيباً على المعاهدات التي وضعت نهاية للحرب العالمية الأولى.
مقدمة . ممونانية ستوة مسا سكرة ا رو ااسقناما ماف او ا
الجزء الأول
عند مفترق الطرق في التاريخ
الفصل الأول: آخر أيام أوروبا القديمة ااا الفصل الثاني: تركة اللعبة الكبرى في آسيا ل ار ال 0 الفصل الثالث: الشرق الأوسط قبل الحرب 111111 |[ | | |ز|[ز[|[|[ |[ ذا الفصل الرابع: الأتراك الفتيان يتعجلون البحث عن حليف 1 210111011 الفصل الخامس: ونستون تشرشل عشية الحرب وو ا 0000000 الفصل السادس: تشرشل يستولي على السفن الحربية التركية . 0 الفصل السابع: مكيدة في الباب العالي 8 ز[ز[ز[ز ز[ز[ز[ز[ | [ز[ز ز[ز [ز[ز[ ز[ [ 0 3
الجزء الثاني
كيتشنر الخرطوم يتطلع إلى بعيد
الفصل الأول: كيتشنر يتسلم زمام القيادة ل ب كاسا ا دة طنة نتامابا و وا ا /ل2 الفصل الثاني: معاونو كيتشنر . 5 151 1[|زذ1[|ز1|1|[1[|ز[ز[|[|[|[ |[ [ |[ 11111101 الفصل الثالث : كيتشنر ينطلق للسيطرة على الاسلام [ذ[ زذ ز ز ز[ [ ز[ز ز ز[ز[ز[ز[|[ز[ |[ ز[ز[ [ 1[ 1 110111 الفصل الرابع: الهند تحتج ل ا ١ الفصل الخامس: الرجل الذي في الوسط و و ا 1
الجزء الثالث
بريطانيا تُجِرّ إلى مستنقع الشرق الاوسط
الفصل الأول: القادة العسكريون الأتراك كادوا أن يخسروا الحرب م 1 الفصل الثاني: كيتشنر يسمح لبريطانيا بمهاجمة تركيا ا
الفصل الثالث: نحو النصر في الدردنيل اقم و ل اال ا ل الفصل الرايع: طمع روسيا في تركيا من عه حي ودار ا و امو ا 1 دار الفصل الخامس: تحديد أهداف بريطانيا في الشرق الأوسط مال الفصل السادس: عند مضائق الحظ 107 127117 الفصل السايع: المحاريون 0000 ش11 الفصل الثامن: السياسيون 0-2 بب000000012 0 ا 0 الفصل التاسيع: الضوء الذي خبا انق تفن ارو ف م ل داو الفصل العاشر انشاء المكتب العربي 1 0 الفصل الحادي عشر: اعطاء الوعود إلى العرب او ل الفصل الثاني عشر: إعطاء وعود إلى الحلفاء الأوروبيين 237171010000 الفصل الثالث عشثر: انتصار تركيا على ضفاف دجلة ا الجزء الرابع التخريب الفصل الأول: خلف خطوط العدو 111111000800000( الفصل الثائي: مهمة كيتشنر الأخيرة 000 | |[ [ؤ[ز[ز[ [ [ [ [ 1 011111 الفصل الثالث: ثورة الحسين الا ع وال عو قا طق لالع مقو الحلفاء قْ ادنى طالعهم الفصل الآول: سقوط حكومات الدول الحليفة: بريطانيا وفرنسا 12*55« الفصل الثاني: خلع قيصر روبسيا 111000 1 1271111111 الجزء السادس العوالم الجديدة والآراضي الموعودرة الفصل الأول: العالم الجديد سرف وس وال ا ل الفصل الثاني: صهيونية لويد جورج 531101111110000 الفصل الثائث: في الطريق إلى إعلان بلفور الع لد لاما الس او ا الفصل الرابع: أرض الميعاد 0 1#« الجزء السايع غزو الشرق الأوسط الفصل الاول: في القدس عند حلول عيد الميلاد 0[ [ؤ [ز[|[ |[ [ز[ [ [ [ 011111 الفصل الثاني: الطريق إلى دمشق 000 00 الفصل الثالث: المعركة من أجل سورية لمش ولوك و و ل و ا 1
11
الحتويات
الجزء الثامن
غنائم النص الفصل الأول: افتراق الطرق امساح لتخي رسيت اموا ا ا ا 8 الفصل الثاني: عند شواطيء طروادة ا ا ا ااا
الجزء التاسع الفصل الأول: دقات الساعة از[ ااا الفصل الثاني: الخيانة 0 ااا الفصل الثالث: العالم غير الحقيقي لمؤتمرات الصلح 0 0000 ااا 0
الجزء العاشس الفصل الأول: بداية المتاعب 9139١1-١؟57١ ماو السو اللا ا الا الفصل الثاني: مصر: شتاء ١5315-15151148 ا الفصل الثالث: أفغانستان: ربيع عام 116 ا و لمرو رو را لم م ا 211 الفصل الرابع: شبه الجزيرة العربية: ربيع عام 1١515 ا ب سس امام ابا الفصل الخامس: تركيا: كانون الثاني / يناير ١957١ لمت ا بطو واف او لماه الفصل السادس: سورية ولبنان: ربيع وصيف 15 009 ااا الفصل السابع : شرق فلسطين (عبر الأردن): 1١93١ 0 000000 الفصل الثامن: فلسطين العرب واليهود: 1١957١ ااا الفصل التاسيع: بلاد الرافدين (العراق): 1١5١ اا اا الفصل العاشر: بلاد فارس (إيران): 1١9517١ 11 0
الجزرء الحادي عشر روسيا تعود إلى الشرق الأوسط الفصل الأول: إزالة الأقنعة عن وجوه أعداء بريطانيا ا اا الفصل الثاني: التحدي السوفياتي في الشرق الأوسط از[ ز[ز[ ز[ز ا انك الفصل الثالث : أهداف موسكو ااا ا الفصل الرابع: حادث موت في بخارى .... . 000 0 0 ا الجزء الثاني عشر التسوية الشرق أوسطية
لعام يفدادل
الفصل الأول: ونستون تشرشل يتولى المسؤولية ام ورا 3 اوان موو ا وو ال س3
سلام ما يعدة سلام ل _ سس
الفصل الثاني: تشرشل ومسألة قلسطاين اوتاه مله وي وووو يوي و لل 6/8 الفصل الثالث : إختراق الحلقاء ا ب سي ممم م مل لولاا ل 8ه الفصل الرابع: مأساة يونانية 0 الفصل الخامس تسوية مسألة الشرق الأوسط لوو ولت الو ا و لاه
لس سس سس بيجي 45 لل
الشرق الأوسطء كما نعرفه من العناوين الرئيسة للصحف حالياً,
انبثق من قرارات اتخذها الحلفاء خلال الحرب العالمية الأولى وبعدها. وف هذا الكتاب شرعثٌ في سرد القصة التي تروي في مجلد واحد كيف ولماذا ومن منطلق أية أمال ومخاوف ومشاعر محبة وكره وأخطاء وحالات سوء تفاهم اتخذت تلك القرارات.
ان الروايات الرسمية الروسية والفرنسية لما كانوا يفعلونه آنذاك في الشرق الأوسط كانت وهذا ليس بالأمر غير الطبيعي من عمل الدعاية. والروايات الرسمية البريطانية بل والمذكرات اللاحقة التي كتبها المسؤولون المعنيون لم تكن صادقة أيضاً. فالمسؤولون البريطانيون الذين قاموا بدور رئيس في اتخاذ تلك القرارات قدّموا لنا رواية للأحداث كانت في أحسن حالاتها موجهة حسب أهوائهم وفي أسوأ حالاتها من صنع الخيال. فقد سعوا لإخفاء دس انوفهم في الشؤون الدينية الاسلامية وللتظاهر بأنهم دخلوا الشرق الأوسط بصفتهم أولياء أمر الاستقلال العربي وهذا الاستقلال قضية لم يؤمنوا بها في الواقع.
علاوة على ذلك؛ فان الثورة العربية؛ التي شكلت محور حكايتهم لم تحدث في الواقع بقدر ما حدثت في خيال توماس ادوارد لورئس العجيب. فقد كان لورنس راوية حكايات خيالية, وقد جعل منه مخرج العروض المسرحية الأميركي (لويل توماس) «لورنس العرب».
أما الحقيقة فقد تكشفت على مدى عقود من السنين نتفاً نتفاً. ثم تكشفت, في نهاية الأمر, في كومة كبيرة,. عقب فتح محفوظات (أرشيف) الوثائق الرسمية والأوراق الخاصة التي ظلت حتى الآن سسرية. وبدا لي عام 191/4: عندما بدأت هذا البحث اننا وصلنا الى نقطة يمكن عندها رواية القصة الحقيقية لما حدث. ولهذا شرعت في كتابة هذا الكتاب. لقد دابت خلال العقد الماضي على قراءة المحفوظات ودرست ما توفر من مؤلفات, وجمعت
1١
سلام ما بعده سيلام
ما توصل اليه الدارسون الحديثون بغية اظهار الصورة التي تتشكل عندما نضع قطع لعبة الأحجية في أمكنتها. ان المؤلفين الذين استشهدت باعمالهم في حواشي الكتاب حققوا معظم الاكتشافات الجديدة, مع اني ايضاً حققت بعض الاكتشافات الجديدة: مثلاً. ما الذي يمكن أن يكون قادة حزب تركيا الفتاة قد فعلوه من أجل اقناع الألمان بالتحالف معهم تاريخ ١ آب (أغسطس) 1414؟ وهل يمكن ان يكون المفاوض العربي الفاروقي قد رسم خطاأ عبر داخل سورية باعتبار ان هذا الخط يشكل حداً للاستقلال الوطني العربي.
ثم انني أيضاً قد أكون أول من حل الغاز حالات سوء التفاهم العديدة, أو على الأقل لفت الانتباد اليهاء تلك الحالات من سوء التفاهم التي أشعلت في عام ١915 صراعاً خفياً داخل جهاز البيروقراطية البريطانية بين (سير مارك سايكس) مسؤول شؤون الشرق الأوسط في لندن. وصديقه (جيليرت كلايتون) رئيس المخابرات في القاهرة. وقد تبين لي أن ل سايكس ولا كلايتون ادرك قط ان سايكس, في مفاوضات عام 1117 مع فرنساء أخطا فْ فهم ما طلب منه كلايتون أن يفعله. ذلك أن سايكس فعل العكس تماماً معتقداً بكل براءة انه كان ينفذ رغبات كلايتونء في حين ان كلايتون شعر شعوراً اكيداً أن سايكس قد خذله عامدأ . ودما أن كلايتون لم يفاتح سايكس بالامر, فقد ظل سايكس يجهل ان خلافات قد نشات بينه وبين زميله, وهكذا ظل سايكس يعتقد خطأ في الشهور والسنين التي تلت ذلك انه وكلايتون ما زالا على وفاق: في حين أن كلايتون اصبح ف الحقيقة خصماً لسياسته داخل الجهاز البيروقراطي ولعله كان الخصم الاخطر. لقد كانت احدى محاولاتي الرئيسة ان اضع السياسة البيروقراطية في اطارها الصحيح وآمل أن أكون قد وفقت في ذلك. ولكني حاولت ألا اكتفي بايضاح عمليات ووقائع محددة. ان الفاية من هذا الكتاب هي اعطاء مشهد فسيح لما كان يحدث للشرق الأوسط بكامله, وتبيان أن إعادة تشكيله كان عملاً من اعمال سياسة القوى الكبرى في زمن فريد: أي في اللحظة عينها التي كانت عندها موجات التوسع الامبراطوري الأوروبي تندفع الى الأمام لتبلغ ذروتها؛ ثم شعرت هذه الموجات بأولى عوامل الجذب القوية للمدّ الذي سوف يصدها ويعيدها الى الوراء.
والشرق الأوسطء كما اتصوره؛ لا يعني فقط مصر وإسرائيل وإيران وتركيا والدول العربية الآسيوية, بل يعني ايضاً آسيا الوسطى السوفياتية وافغانستان أي كامل الساحة التي حاربت فيها بريطانياء بدءاً من الحروب النابوليونية: لحماية طريق الهند من هجمات فرنسا اولاً ثم هجمات روسيا في ما أصبح يعرف باسم «اللعبة الكبرى». ان الدراسات الأخرى المتعلقة بالحرب العالمية الأولى وعاقبتها ف المنطقة كانت تميل الى معالجة شؤون بلد واحد أو منطقة واحدة. وحتى الذين عالجوا السياسة الأوروبية في الشرق العربي او الشرق التركي باكمله, قد ركزوا؛ مثلا. على دور بريطانيا وحدهء أو
ري بريطانيا وفرنسا. أما آنا فأضع خلق الشرق الأوسط الحديث في اطار أوسع: ذلك
15
أني أرى أن ما حدث هو ذروة اللعبة الكبرى في القرن التاسع عشى, ؛ ولذلك فإني أبين أن روسياء أيضاً لعبت دور رئيساً في القصة. وبسبب روسيا كلياً أو جزئياً. شرع كيتشنر ينشىء تحالقفاً بريطانياً مع العالم الحربي الاسلامي. ٠ وسيب روسيا قررت بريطانيا وفرنسا احتلال الشرق الأوسط واقتسامه؛ مع انهما كانتا تفضلان الاحتفاظ بالامبراطورية التركية في المنطقة. وبسبب روسيا أعلنت وزارة الخارجية البريطانية جهاراً تاييد بريطانيا لاقامة وطن قومي يهودي في فلسطين, ثم للسبب نفسه شعر عدد من المسؤولين البريطانيين؛ بعد الحرب, أن بريطانيا مضطرة لان تشكل حاجزاً في الثرق الأوسط لصد الحملة البلشفية. ومع ذلك. حسب علميء هذا أول كتاب يروي القصة على أنها قصة الشرق الأوسط بمفهومها الأوسع؛ مفهوم «اللعبة الكبرى» التي تلعب فيها روسيا دوراً مركزياً.
وسترون عند قراءة الكتاب ان شخصيات الشرق الأوسط, وظروفه. وثقافاته السياسية لا تبرز كثيراً في رواية الكتاب إلا عندما أبن الخطوط العامة والأبعاد لما أهمله السياسيون الأوروبيون عندما كانوا يتخذون قراراتهم.
هذا الكتاب يتناول عملية اتخاذ القرارات. وف المدة 1914 1957 كان الأوروبيون والأميركيون الوحيدين الذين جلسوا حول الطاولة عندما اتخذت القرارات.
لقد كان عصراً اصطُنعت فيه بلدان الشرق الأوسط وحدوده في أوروبا. فالعراق وما نسميه الآن الأردن: على سبيل المثال. هما اختراعان بريطانيان: والخطوط رُسمت على خارطة بيضاء من قبل سياسيين بريطائيين بعد الحرب العالمية الأولى. بينما أنشئت حدود المملكة العربية السعودية؛ والكويت والعراق من قبل موظف مدني بريطاني عام 5 . ورسمت فرنسا الحدود بين المسلمين والمسيحيين في سوريا ولبنان. وربسمت روسيا الحدود بين المسلمين والمسيحيين في أرمينيا وأذربيجان السوفياتية.
وقد اعتقدت الدول الأوروبية آنذاك أن باستطاعتها أن تغير آسيا الاسلامية ف صميم أساسيات وجودها السياسي. وإذ حاولت الدول الأوروبية هذا التغيير فقد استحدئثت نظام دول مصطنعة في الشرق الأوسط؛ مما جعل منه منطقة لبلدان لم تصبح أمما حتى يومنا هذا. لقد وضع الروس موضع المساءلة أساس الحياة السياسية في الشرق الأوسط - آي الدين فاقترحوا الشيوعية, وفعل مثلهم البريطانيون فاقترحوا القومية أو الولاء للأسر الحاكمة, عوضاً عن الدين. ان إيران الخميني في العالم الشيعي والاخوان المسلمين ف مصر وسورية وغيرهما من العالم السني قد أبقيا هذه القضية حية. وأما الحكومة الفرنسية التي سمحت فعلاً للدين أن يكون أساس السياسة حتى أساس السياسة الفرئسية فقد سائندت طائفة ضد طوائف أخرى وهذه أيضاً قضية أبقيت حية, لا سيما في النزاع الطائفي الذي دمر لبنان في السبعينيات والثمانينيات.
ويبدو لي أن عام 1477 كان نقطة اللاعودة من حيث وضع مختلف العشائر في الشرق
١
سبلام مانعده سلام
الأوسظ على.ظرقها المؤدية الى التضادم: مما يعني أن ما تتسم به السنوات التي يُعنى يها . .
هذا الكتابء من إشارة للاهتمام: :أي السنوات من-1415: الى 1977: سيبه انها كانت ١ سنوات ابداع وتشكيل بدا فيها (وريما كان الأمن كذلك فعلًا) كل شيء مفكناً. كان ذلك زمضاً ١ اعتقد فيه الأوروبيون, وليس بغير أساس للتصديق. ان القوميتين العربية والبهودية ١ هما حليفتان طبيعيتان: وكان زمناً كان فيه الفرنسيون, وليس العرب: اعداء الحركة ١ الصهيونية. الخظرين. ولم يكن. النفط آنذاك عافلاً هاماً من عوامل السياسة في الشرق ١
الأوسط.
ديد أن الخيارات ضضناقت وا مناهج تحددت مع حلول عام 19717: لقد بدأ الشرق الأوسط في ذلك العام السير على طريق كان من شانه أن يقود الى حروب.لا نهاية لها (من ضمنها ا الحروب بين اسرائيل وجاراتها؛ وبين المدليشبات المتناحرة في لبنان) ويقود أيضاً الى .
أعمال إرهاب دائمة التصاعد (أعمال خطف واغتيال ومجازر عشوائية) مما شكل سمة مميزة للجياة الدولية في السبعينيات والثمانينيات. وهذا كله جزء من تركة التاريح الذي بعاد سرده عان صفجات هذا الكتاب.
بروي .هذا الكتاب قصتين .لا تليثان أن تندمجا في قصة واحدذة.. تبدأ القصة الأول ابقرار اللورد كيتشتر عند اندلاع الحرب العالمية الاوى: تقسيم الشرق الاوسط بعد الحرب بين ٠. بريطانيا وفرنسا وروسياء وبتعيينه (سير مارك سايكس) لاعدان التفصيلات. ويقتفي +
الكتان أثن سايكس خلال شنؤات الحرث وهو يعد الصيغة الدريطائية لمستقيل الشرق
الأوسط. ويمضي الكتاب فينين :أن البرنامج الذي صفاغه سايجس تعقق: فاخزء كدينمنه. ١
بعد الحرب: وانه تخسد في وثئائق ق أقرت رسمياً (في الحزء الأكدر منها) عام: 219571
هذه هي القصة التي انطلقتٌ اصلا لكتابتها: وكانت الغاية منها اظهار أنه إذا وضعنا .-. عدداً من.وثائق وقرارات معاً: إعلان اللنبي الذي أوجد استقلادٌ اسمياً مم 8 الانتداب على فلسطين والكتاب الأبيضض الذي وضعه تشرشل بشان فلسطين..(ومنه انيئقت اسرائيل والأردن): المعاهدة البريطانية التي أوجدت مكانة للعراق» الانتداب الفرنسي على , ١ سو رياءوليئان: وضع بمريطائيا ملكين: جديد ين .عن عش مضى وعرش العراق: ورعايتها. 25 أميرا بصفته حاكما جديدا لما سيصيح الأردن: والاعلان الروسي عن قيام اتحاد سوفياتي .
تعيد فيه روسيا تثبيت حكمها في.آسيا الوسطى.الاسلامية هذه كلها سترون انها إذا ١
أخذناها معأ نجد انها تعادل تسوية. شاملة لمسالة الشرق الأوسط. علاوة على ذلك فان.. .١ تسوية.عام 1575 :هذه (وقد. أطلقت عليها .هذا الاسم لأن معظم. عناصرها تجمعت في ذلك , ١ العام أو نحوه) نبعت من مفاوضات .زمن الحرب: التي أجراها سير مارك سايكس مع فرئسا ١ وروسيا من اجل.الاتفاق على اقتسام الشرق الأوسط بعد الحرب بين هذه الدول: لقد نال ١١١ الفرنسيون حصة. قل قليّلاً مما اتفق عليه. وسُّمح للروس بالاجتفاظ فقطاينا كانوا قد ١ ١ حصلوا عليه قبل الحزب: ولكن ظل محترماً مند1 السماح لهم بأن يشتر: كوا مع بريطانيا فين ١
ب"
مقدمة
اقتسام وحكم آسيا الاسلامية. أما في دائرة النفوذ البريطاني فقد سار كل شيء وفق مخطط سايكس: لقد حكمت بريطانيا ف الأغلب حكما غير مباشر بصفة دولة حماية لبلدان عربية ذات أنظمة ملكية مسنقلة استقلالاً اسمياً. وطرحت نفسها راعية للقوميتين العربية واليهودية.
وإضافة الى اثباتي انه كانت هنالك تسوية عام 1477 في الشرق الأوسط. فإني أبِين في هذا الكتاب أن خصومتنا مع تلك التسوية (الى حد انه لو نظرنا الى الوراء لكنا رسمذا الشرق الأوسط الجديد بصورة مختلفة) ليست هي ما نعتقد أحياناً انها هي خصومتنا معها. بل ان الحكومة البريطانية لم تخفق آنذاك في استنباط تسوية تلبي احتياجات ورغبات شعوب الشرق الأوسط فحسبء وإنما حاولت أن تفعل شيئاً مختلفاً تمام الاختلاف. وبالنسبة للورد كيتشنر ووكيله المفوض مارك سايكس كانت مسألة الشرق الأوسط هي ما كانته لأكثر من قرن: أي أين ينبغي رسم خط الحدود الفرنسية في الشرق الأوسط؟ وأهم من ذلك أين بنبغي أن يُرسم خط الحدود الروسية في الشرق الأوسط؟ هذه كما قلت: هي القصة التي انطلقت لأرويها. ولكن في روايتي لها انيثقت قصة أخرى: قصة كيف تغيرت بريطانيا وغيّر المسؤولون والسياسيون البريطانيون أفكارهم في ماابين 4 1977., بحيث انهم مع حلول عام 1977 عندما الزموا أنفسهم رسمياً ببرنامجهم لاعادة تكوين الشرق الأوسط - لم يعودوا يؤمنون بهذا البرنامج. وسنرى خلال رواية القصة ان الحكومة البريطانية للأعوام ١914 و1915 و1915 التي رحبت بوجودين روسي وفرنسي في الشرق الأوسطلما بعد الحرب, تتحول بعد الحرب إلى حكومة تعتبر روسيا في الشرق الأوسط خطرا وتعتبر فرنسا في المنطقة كارثة. وسنرى أن أنصار الصهيونية في عام 1911 بتحولون الى معادين للصهيونية ف عام ١97١ وعام 1571ء وان المتحمسين لحركة فيصل العربية يتحولون خصوماً لفيصل باعتباره غير جدير بالثقة وخضوما تلشقيقه غيد الله باعتدارة رخلا لا امل في إن يكون ذ! فاغلية : وفق كل ذلك سترى بريطانيا تباشر مشروعا امبراطوريا جديدا في الشرق الأوسط مشروعا يتطلب تحقيقه أجيالً إذا كانت الغاية منه إعادة تكوين الشرق الأوسط على غرار إعادة تكوين الهند - وذلك في الوقت عينه الذي كان فيه الرأي العام البريطاني يتجه الى سياسة خفض التزامات بريطانيا ف ما وراء البحار ويقرر انه لم يعد راغيا في مزيد من المغامرات الاميراطورية.
ولعل ازمة التمدين السياسي التي يجتازها الشرق الأوسط الآن لا تنبثق فقط من تدمير بريطانيا للنظام القديم في المنطقة عام /1491: ومن قراراتها عام 19177 بشأن كيفية استبدال ذلك النظام, بل تنيثق أيضاً من غياب القناعة في السنين اللاحقة؛ ببرنامجها الذي فرض التسوية عام 1971.
الكتاب الذي كان في نيتي أن أكتبه كان محصوراً بالطريقة التي عكفت بها أوروبا على
/7و1
سلام ما بعده سلام
تغيير الشرق الأوسط.ء فانتهى بي الأمر الى كتاب يعالج كيف تبدلت أورويا قِ الوقت نفسه وكيف تفاعلت الحركتان.
إن لويد جورج., و وودرو ويلسون, وكيتشئر الخرطوم: ولورنس العرب, ولينين» وستالين, وموسوليني وهم رجال كانت لهم يد ف إعطاء القرن العشرين شكله إنما هم ضمن أولئك الذين قاموا بأدوار قيادية في الدراما التي تتكشف أحداثها ف كتاب (سلام ينهي كل سلام), وكانوا رجالا عملوا جاهدين لإعادة تكوين العالم في ضوء نظرتهم اليه . وفوق كل ذلك يبرز ونستون تشرشل على صفحات هذا الكتاب كشخصية طاغية بعثت عبقريته الروح في الأحداث. وصبغت شخصيته هذه الأحداث بصيغتها ومنحتها الحيوية.
بالنسبة لتشرشلء كما للويد جورج؛ وويلسون, ولينين؛ ووستالين وآخرين - وكما لأشخاص مثل جان كريستيان سمطس. وليو إيميري, واللورد ميلذر كان الشرق الأوسط عنصراً جوهرياً أو منطقة تجارب لنظرتهم الى العالم. كانت رؤيتهم لمستقبل الشرق الأوسط اساسية ف فكرتهم عن نوع القرن العشرين الذي اعتقدوا اعتقاداً شديداً أنه سينبثق أو ينبغي أن ينبثق كطائر الفينيق من رماد الحرب العالمية الأولى. وبهذا المعنى . فإن التاريخ الذي تعيد روابته صفحات هذا الكتاب هو قصة خلق القرن العشرين وكذلك خلق الشرق الأوسط الحديث.
آخر أيام أوروبا القديمة
)ع(
في أواخر ربيع عام ؟١15١: أبحر اليخت الرشيق انشانترس من ميناء
جنوا بجوّه الممطر, منطلقاً في نزهة بحرية في البحر الأبيض المتوسط - كانت رحلة خلواً من الهموم؛ لا جدول زمنياً لها ولا خط سير محدداً. وما إن ابتعد اليخت جنوباً حتى ازدادت السماء بهاء؛ وسرعان ما كان اليخت يستحم بأشعة الشمس.
كان اليخت انشانترس ملكاً للأميرالية البريطانية. أما الاقامة على متنه فكانت بما هي عليه من فخامة. صنو الاقامة على يخت الملك الخاص. وناهز عدد بحارته المئة, كانوا في خدمة نحو اثني عشر ضيفاً جاؤوا من بريطانيا عبر باريس» حيث حلوا في فندق ريتز. بين هؤلاء الضيوف رئيس وزراء بريطانياء هيربرت اسكويثء وابنته الفاتنة فيوليت؛ وكانت في الخامسة والعشرين من عمرها. وبينهم أيضاً رئيس الاميرالية المدني» ونستون تشرشل؛ ومجموعة صغيرة من أفراد أسرته والمقربين اليه من الزملاء. وقد كانوا خلال سنوات الع الأخيرة, قبل أن تضع الحرب العالمية الأولى نهاية لعالمهم؛ من أكثر الفئات التي عرفها العالم حظأ وتمتعاً بالامتيازات.
كالك كترليت اكويق ' متف مسدكره تدون نفيها لامي لان الوحلة يعن الوضيول أل بونبي تجولت هى واصدقازها قي الشوار م الطويلة الجميلة التي لفها السكون»:والتي كانت ذا يوم تذيطن بحياة زوما الأفيراطؤرية ثما الآن: كنا ذكرت ف مفكرتها«فقد.تما العشبي في هذه الشوارع التى كانت تضجٌ بالحياة!). وفي صقلية تسلق مرافقوها خرائب قلعة يونانية قديسة, وكتاواوا: وسط كفون الأو والأعشاي البرعة غزاء حفيفا مما متتاولة الداس فى التزهات: وهم :جلو عل كثل من الهجارة تمناقطت من جدران القلعة :بعد ذلك صتعدوا الى موقع
)١( فيوليت بونهام كارتره ونستون تشرشل كما عرفته. ص ؟51؟.
ف
سلام ما فبعده سيلام
أعلى ليرقبوا غياب الشمس فوق صفحة ماء البحر, من مكانهم بين خرائب المسرح اليوناني القديم القائمة على المرتفعات التي صعدوا اليها. وهناك استلقوا «وسط عطر السعتر البري وطنين النحلء واخذوا يرقبون تبدل لون البحر من الأزرق الى الناري ثم الى الأخضر الزمردي فيما كانت الشمس تغطس في البحر والنجوم تظهر في السماءا"».
ان دورات الفلك التحركات السماوية التي تسبّب تبدل الليل والنهار وفصول السنة من ربيع وصيف الى خريف وشتاء قد وجدت انعكاساً لها في ملاحظات فيوليت عن المشاهد على الأرض والأضواء التي تغمرها. ان احساس فيوليت بزوال الحضارات والقوى السياسية وسيطرة الأقوياء. لم تحجب نشوتها وابتهاجها برحلتها وهي في سن الشباب الى أراضي الماضي العتيق. لقد كان والدها يرأس امبراطورية تكاد تبلغ ضعفى مساحة الامبراطورية الرومانية في أوجها, ولعله تراءى لها أن امبراطورية والدها ستستمر ضعفي عمر الامبراطورية الرومانية.
أما والدها رئيس الوزراء؛ فقد كان شديد الحرص على أن يمتع نظره بالمشاهد التي يراهاء فلا يفارقه الكتاب الدليل تأليف بايدكر, وكان متقد الحماسة للآداب القديمة: يقرأ ويكتب اليونانية واللاتينية الكلاسيكية بيسر وسرور. أما ونستون تشرشل الذي لم يكن ضليعاً باللغات أو الآداب القديمة فكان يغار غيرة الأولاد. فقد قال:
«هؤلاء الاغريق والرومان؛ ثمة مبالغة في تقديرهم, كل ما في الأمر انهم كائوا الأوائل في قول كل شيء. أنا نفسي قلت أشياء لا تقل جودة. ولكنهم سبقوني"».
كتبت فيوليت في مفكرتها:
«عبثاً نوه والدي بأن العالم مضى في مسيرته زمناً طويلاً قبل ظهور الاغريق والرومان على مسرح الحياق!),
لقد كان رئيس الوزراء مفكراً مدركاً أن الاتجاه بين مؤرخي العالم القديم يميل الى النأي عن حصر اهتمامهم بحضارتي الاغريق والرومان الأوروبيتين. وقد نالت قبولاً واسعاً مقولة الأستان الأمييكي جيمس هنري بريستد ان المدنيّة الحديثة أي المدنية الأوروبية لم تكن بداياتها في اليونان وروماء بل في الشرق الأوسط: في مصر ويهود!؛ وبابل وأشور, وبسومر وأكد. هذه المدنية الحديثة التي تمتد جذورها آلاف السنين في غابر القرون: وفي تربة تلك الممالك الشرق أوسطية التي اندثرت منذ زمن بعيد إنما كان يُنظر اليها على انها بلغت أوجها في سيادة الشعوب الأوروبية» وأفكارها المثلى ونمط حياتهاء على الكرة الأرضية.
كان امرأً مألوفاً في بدايات القرن العشرين؛ عندما كان تشرشل وضيوفه يمضون الوقت في رحلتهم على متن اليخت انشانترسء أن يفترض المرء أن الشعوب الأوروبية ستواصل القيام بدور
[فة المريجع نفسه, ص كيل 5( المريجع نئفسة, ص 1 (4) المرجع نفسه.
ا ع ا ا ا ا
عند مفترق الطرق في التاريخ
السيطرة الذي تمارسه في الشؤون العلمية الى أبعد ما تستطيع البصيرة أن ترى. وكان من الشائع أيضاً الافتراض أن الشعوب الأوروبية بعد أن أنجزت معظم ما اعتبره كثيرون رسالة الغرب التاريخية - أي تحديد المصير السياسي للشعوب الأخرى على الكرة الأرضية فلا بد انها متممة هذه الرسالة. وكانت بلدان الشرق الأوسط بارزة بين البلدان التى كان على الأوروبيين التعامل معهاء إن هي بين قلة من المناطق المتبقية على كوكبنا دون أن يعاد تكوين شكلها اجتماعياً وثقافياً وسياسياً على صورة أورويا ومثالها.
0( ومع أن الشرق الأوسط كان خلال القرن التاسع عشر موضع اهتمام عظيم من قبل الدبلوماسيين والسياسيين الغربيين؛ إن هو ساحة تجري على أرضها منافسات اللعبة الكبرى؛ فقد تضاءل اهتمامهم به وصار هامشياً في السنوات الأولى من القرن العشرين: عندما بدا ان تلك المنافسات وجدت طريقها الى الحل. لقد أصبحت المنطقة منطقة راكدة سياسياًء وكان الرأي ان الدول الأوروبية ستضع يدها على المنطقة يومأ ماء ولكن زال الشعور بأن هذا أمر ملح. قلة من الأوروبيين من جيل تشرشل كانت تعرفء أو يهمهاء ما يجري في امبراطوريتي السلطان العثماني والشاه الفارسي السقيمتين. قد تحدث من حين الى آخر مذبحة للأرمن على أيدي الأتراك فيتعالى صراخ الرأي العام في الغرب؛ ولكن الاهتمام بها لا يدوم أكثر مما كان يدوم الاهتمام بمذابح اليهوب على أيدي الروس. أما رجال الدولة الدنيويون: فكانوا في دخيلة نفوسهم يعتقدون ان ليس ما يمكن عمله, ولكنهم تجاوباً مع عواطف الرأي العام كانوا يحثون السلطان على تنفيذ اصلاحات؛ ثم يقف الأمر عند هذا الحد. والصورة التي ارتسمت في أذهان الأوروبيين عن شؤون المنطقة هي صورة مكائد تدبر في بلاط السلطان» وجهاز حكومي فاسدء وتحالفات قبلية متبدلة, وشعب فاتر الهمة عديم المبالاة. ولم يكن في الصورة إلا القليل مما يجعل الانسان العادي الذي يعيش في لندن أوباريس أو نيويورك يعتقد أن ذلك يؤثر على حياته أى مصالحه. ومع أن المخططين في برلين تطلعوا إلى انشاء خطوط سكك حديدية وفتح أسواق جديدة في المنطقة؛ فقد كانت هذه مشاريع تجارية!". ولم تكن قد تأججت بعد المشاعر التي استحوذت على اهتمام الجنود والارهابيين» والتي ساقتهم ليكونوا قاتلين أو مقتولين. في الوقت عينه, كانت الخريطة السياسية للشرق الأوسط تبدو مختلفة عما هي الآن. فلم تكن قد
(#) تظل سكة حديد بغداد أفضل مثال على توغل المانيا الاقتصادي في المنطقة. والقصة معقدة وكثيراً ما يساء فهمهاء ولكن البريطانيين شجعوا المشروع في الأصل وساندوه؛ غير مدركين في البداية ما قد يشكله من أخطار. وما لبث المشروع أن أصبح مصدر خلاف بين بريطانيا والمانياء ولكن الخلاف وجد حادٌ في الاتفاق الذي توصل اليه البلدان عام .15١4
إوفا
سلام ما بعده سلام
وجدت بعد اسرائيل» والأردن» وسورية» والعراق؛ والمملكة العربية السعودية. كان معظم الشرق الأوسط لا يزال على حاله. مثلما كان على مدى قرون, مستكيناً تحت سيطرة الامبراطورية العثمانية المصابة بالمرض والاهمال: أي منطقة هادئة نسبياً يتحرك فيها التاريخ: ككل شيء آخر, حركة متمهلة,
أما الآن؛ وقد أشرف القرن العشرون على ختامه. فإن سياسات الشرق الأوسط تقدم لنا وجهاً مختلفاً كل الاختلاف: انها قابلة للانفجار. وما من أحد قام بدور أكثر حسما أحياناً من دون قصد في ولادة الشرق الأوسطء الذي نتعايش معه حالياً؛ من الدور الذي قام به ونستون تشرشل؛ الذي كان قبل الحرب العالمية الأولى سياسياً انكليزياً صاعداً ولكنه كان موضع ريبة: ولم يكن عنده اهتمام خاص بآسيا الاسلامية. ان مصيراً عجيباً دفع بتشرشل والشرق الأوسط الى تدخل احدهما تكراراً بحياة الآخر السياسية . ولم يحدث ذلك دون أن يترك آثاراً: فثمة خطوط حدود مرتسمة الآن على صفحة الشرق الأوسط؛ هي ندب خلفتها تلك المجابهات معه.
ال 0
تركة اللعبة الكبرى في آسيا
)0( | قيض لكل من تشرشل, واسكويث و زملاء لهما في مجلس الوزراء؛ كوزير
الخارجية سير ادوارد غراي» ووزير ال مالية ديفيد لويد جورج؛ وفي ما بعد وزير الحربية اللورد كيتشنرء أن يقوم بدور حاسم في خلق الشرق الأوسط الحديث:؛ وهم في أدائهم لهذه الأدوار لم يستطيعوا التخلص من تركة سياسية ورثوها من العصر الفيكتوري, ظنت حكومة حزب الأحرار برئاسة اسكويث انها نبذتها. ذلك أن اسكويث وغراي؛ بعد أن أدارا الكلين لمزاحمة: القرخ 'التاشم عش مع فرضها وروسنيا ق:الشرق الأوسط"(عتهذا أن تمقدورهنا أن يبتعدا عنهاء فإذا بالأحداث تثبت خطاهما.
(0
ان الصراع على الشرق الأوسطء الذي زج بريطانيا في مزاحمة منافساتها الأوروبية» انما كان نتيجة التوسع الامبراطوري الذي مهدت له الرحلات البحرية التي قام بها كولومبوسء وفاسكو دي غاماء وماجيلان» ودريك. فبعد اكتشافها الطرق البحرية في القرنين الخامس عشر والسادس عشر. راحت الدول الأوروبية تتبارى في السيطرة على بقية العالم. وكانت انكلترة متأخرة نسبياً في دخول هذه المباراة: ولكنها ما لبثت أن برت البلدان الأخرى.
ونجحت الجزر البريطانية خلال القرن الثامن عش بالرغم من صغر حجمهاء في تأسيس امبراطورية مترامية الأطراف تحيط بالكرة الأرضية . وصار البريطانيون؛ شأنهم شأن الاسبان والهولنديين من قبل» يتباهون بأن عاهلهم يملك ممتلكات لا تغيب عنها الشمس. وعندما كان ونستون تشرشل وهيربرت اسكويث يتنزهان في نزهتهما البحرية على متن اليخت انشانترس عام .191١ كان ملكهماء جورج الخامس؛ يحكم ربع مساحة اليابسة على الكرة الأرضية.
3"
سلام ما بعده سلام
ولم يفضر البريطانيون بأي من فتوحاتهم قدر فخرهم بفتوحات الشرق التي رويت عنها القصص. غير أن هذه الانتصارات لم تخلٌ من غرابة. ذلك أن بريطانيا إذ بزت فرنسا في آسيا والمحيط الهادىوترحت هذ| الانجَاذ بامتلاك الهكن: عددت خط مزاضلاتها واتصالاتها يعدا جداً بخيث هسار الامكان قطعه فق قاط عديدة:
لقد كشف نابوليون بونابرت نقطة الضعف هذه عام 1754 عندما غزا مصر وزحف على سورية؛ وكان في نيته, كما قال في ما بعدء أن ينطلق من سورية على طريق الأساطير والمجد, ماراً ببابل, الى الهند. ومع أن خطط نابوليون قد خابت:؛ فانه أقنع في ما بعد القيصر الروسي بولس المعتوه بأن يرسل جيشه على الطريق عينها.
وكان رد بريطانيا على هذا الوضع هو أن تساند أنظمة الحكم الأهلية في الشرق الأوسط لمنع التوسع الأوروبي. فلم تكن هي راغبة في السيطرة على المنطقة, بل كان همها أن تحول دون سيطرة دولة أوروبية أخرى عليها.
وهكذا اتبعت الحكومات البريطانية المتعاقبة طوال القرن التاسع عشر سياسة دعم الممالك الاسلامية المتهاوية في آسياء لحمايتها من التدخل والتخريب والغزى من قبل الدول الأوروبية. وهي إذ سارت على هذا النهج سرعان ما وجدت أن الامبراطورية الروسية هي خصمها الرئيس, فأصبح دحر الأهداف الروسية في آسيا هاجس أجيال من المسؤولين المدنيين والعسكريين البريطانيين. وصارت محاولة دحر هذه الأهداف بالنسبة اليهم «اللعبة الكبرى»! والرهانات فيها عالية .وقد حدّد جورج كورزونء الذي شغل مستقبلاً منصب نائب الملك في الهند, الرهانات تحديداً واضحاً: «تركستان» وافغانستانء وما وراء بحر قزوين وبلاد فارس (وهذه أسماء لا توحي إلا بالبعد المطلق) وأعترف أنهاء بالنسبة لي؛ بيادق على رقعة الشطرنج واللعبة التي تدور على هذه الرقعة هي لعبة السيطرة على العالم» 0 . أما الملكة فكتورياء فكانت أوضح تعبيراً إن قالت ان المسألة هي «مسألة السيادة الروسية أى البريطانية على العالم»7".
0
يبدو ان ضابطاً بريطانياً يدعى آرثر كونولي هى أول من أطلق تسمية «اللعبة الكبرى». وقد لعبها
)١ ) من أجل بحث أو راجع ديفيد فروتكين» «اللعبة الكبرى في آسياء» مجلة فورين افيرز (عدد ربيع ,)١58 ص 57؟1. وراجع أيضاً ادوارب انغرام؛ الالتزام باوروبا: تنبؤات اللعبة الكبرى في آسيا /11/91 ,18٠١ (اوكسفورد: مطبعة كلارندن؛ »)١198١ وادوارد انغرام؛ بدايات اللعبة الكبرى ف آسيا ١878 -4 2,181 (اوكسفورد: مطبعة كلارندن, 191/9).
و (5) ج. كلايتون؛ بريطائيا والمسالة الشرقية: من ميسولونغي إلى غاليبوليء (لندن: مطبعة جامعة لندن» )»ص 726 .١
احا
عند مفتوق الطرق في التاريخ
بشهامة على حدوب جبال الهمالايا وفي صحارى وواحات آسيا الوسطىء وخسر اللعبة بطريقة مروعة: فقد حبسه أمير أوزبكي شهرين في بئر ملأى بالقوارض والزواحف. وما بقي من جثته بعد الشهرين انتشل وضرب عنق الجثة. وقد عثر على عبارة «اللعبة الكبرى» في أوراقه واقتبسها أحد مؤرخي الحرب الافغانية الأولى!). ثم أكسبها روديارد كيبلنغ شهرة في روايته «كيم»؛ وهي قصة صبي هندي انكليزي ومرشده الأفغاني اللذين أحبطا المكائد الروسية على الطرق المؤدية الى الهند"). ١,
بداية اللعبة كانت قبل عام :١174 عندما شرع دوق ولينغتون, الذي كان آنذاك رئيساً للوزراء, في مراسلات رسمية تبحث موضوع أفضل سبيل لحماية الهند من هجوم روسي عبر افغانستان. وكان الراي أن الطريقة المثلى هي إبعاد روسيا عن افغانستان. وهكذا صارت استراتيجية بريطاتها منذكةة امتتك داع اتلمة الحكم اليرمة في اهما الاسلاسة عخاعز هنكم ين البند البريطانية من جهة, وطريقها الى مصر والخطر الروسي من جهة أخرى. وقد اقترنت هذه السياسة خصوصا باسم اللورد بالمرستون؛ الذي طورها على مدى سنين عديدة بصفته وزيرا للخارجية ١87١( - 1874 18479184118757 - 1801) ثم بصفته رئيساً للوزراء (4-1844ه14او1805 - 1855 ).
لقد احتدمت معركة تأييد أنظمة الحاجز الصديقة: بحدة شديدة عند طرفي القارة الآسيوية الغربي والشرقي؛ حيث كان السباق على السيطرة على مواقع استراتيجية. أما في غرب آسيا فقد كان مركز الاهتمام الاستراتيجي هى القسطنطينية (استانبول)» بيزنطة القديمة؛ التي تحكمت منذ قرون بمفترق الطرق في السياسة العالمية. فهي بموقعها عند مضائق الدردنيل تتحكم بالمرور شرقاً/ غرباً بين أوروبا وآسياء وشمالاً/ جنوباً بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الأسود.
وما دامت القسطنطينية لم تنتقل الى أيد غير صديقة؛ كان باستطاعة الأسطول البريطاني القوي أن يبحر عبر الدردئيل الى البحر الأسود ليفرض سيطرته على خط الساحل الروسي. أما إذا قَدّر للروس أن يستولوا على المضائق, فعندها لن يمنعوا الأسطول البريطاني من الوصول الى البحر الأسود فحسبء بل يستطيعون أيضاً أن يرسلوا أسطولهم عبر المضائق الى البحر الأبيض المتوسطء وهناك يستطيع وجوده أن يهدد شريان الحياة البريطاني.
أما عند الطرف الأبعد للقارة الآسيوية؛ فان مكان الاهتمام الاستراتيجي هو سلاسل الجبال الساففة الواقسة روااخل امعافيتان واللاضتفة لياء حدث سظم الغزاة إن يت فقوا : عن :فده الجبال؛ على سهول الهند البريطانية. وكان هدف بريطانيا في شرق أآسيا أن تحول دون قيام أي شكل من أشكال الوجود الروسي على هذه المرتفعات المسيطرة على ما حولها.
(4) ج. كاي كما رواه ه. و. ديفيز. اللعبة الكبرى في آسياء 1٠١ -1444. محاضرة رالي عن التاريخ (لندن: الأكاديمية البريطانية, 7؟15١), الصفحتان 7 و5.
(*) يقصد بعض الكتاب بعبارة اللعبة الكبرى أنشطة أجهزة المخابرات المتنافسة؛ والآخرون يستخدمون العبارة بالمعنى الأوسع الذي استخدمت به في هذا الكتاب.
يفا
سلام ما بعده سلام
ظل الصراع محتدماً بين بريطانيا ورووسيا بين الدردنيل وجبال الهمالايا زهاء مئة عام؛ فيتخذ لحان ككل هري از روا شري شكل حون ستاخنة: وعاقت التندجة نوها مث الفكافة.
)5( كانت هناك أمور حيوية يدور عليها الرهان في صراع بريطانيا الطويل مع روسيا. ومع أن بعض هذه الأمور كانت تتضاءل أهميته, فالبعض الآخر بقي وأضيفت اليه أمور أحدث عهداً. لقد عبر وليم بيت؛ رئيس وزراء بريطانيا؛ في عام 1711١ عن الخوف من أن تقلب الامبراطورية الروسية ميزان القوى الأوروبي . وتجدد هذا الخوف بعد أن لعيك روسيا دور كاسما هزهة نابوليون النهائية ية في العامين + 141 1816, ثم عاد يتضاءط إثرهزيمة روسيا في حرب القدم. ومنذ عام ١47٠ فصاعداًء خشي اللورد بالمرستون وخلفاؤه أن تنشب حرب كبرى في السباق بين الدول الأوروبية على حيازة اجزاء الامبراطورية العثمانية إذا ما تمكنت روسيا من تدمير هذه الامبراطورية . ومنذئذ ظل هذا همّا بريطانياً دائماً. وضع اتتضاف القرن الناسع عش الخذت التمارة البريطائية مع الافبراظورية العثمانية تسب أهمية كبيرة» فأضيفت المسائل الاقتصادية الى مواضيع الخلاف بين بريطانيا المنادية بحرية التجارة؛ وروبسيا التي تطبق الحماية لمنتجاتها. ثم ان عمق ضلوع فرنسا وايطاليا المالي في الشؤّون العثمانية؛ وما أعقبه من توغل اقتصادي ألمانى, قد جعل من المنطقة التى كانت تتصارع فيها روسيا وبريطانياء حقل ألغام من المصالح الاقتصادية القيمية. 0 لم يدخل النفط الى الصورة إلا في مطلع القرن العشرين . ولكنه حتى,في ذلك الحين لم يكن له دور كبير في اللعبة الكبرى؛ لأن قلة من السياسيين أدركت ما سيكون للنفط من أهمية, ولأنه لم يكن بعد معروفاً ان الشرق الأوسط يحتوي على النفط يهذه الضخامة. ومعظم استهلاك بريطانيا من النفط (أكثر من ثمانين بالمئة قبل الحرب العالمية الأولى وخلالها) كان مصدره الولايات المتحدة. آنذاك كانت بلاد فارس البلد الوحيد في الشرق الأوسط المنتج لكمية تذكر من النفطء عدا روسياء ولكن انتاج فارس لم يكن ذا بال بمقياس الانتاج العالمي. ففي عام 11١ مثلاً كان انتاج الولايات المتحدة من النفط أكثر من مئّة ة وأربعين ضعفاً من انتاج .فاريتن( 7 ومنذ بداية اللعبة الكبرى وحتى زمن متقدم من القرن العشرين» كان الهم الأكبر للقادة البريطانيين هو سلامة الطريق الى الشرق. وعندما لُقبت الملكة فيكتوريا بلقب امبراطورة الهند في عام /0371 كان هذا اعترافاً ضما بنشوء نوع من الملكية المزدوجة في بريطانيا: : الاميراطورية البريطانية وامبراطورية الهند. وهكذا كان الخط الواصل بينهما شريان حياة؛ ولكن فوق هذا الخط كان سيف القياصرة الروس مصلتاً ويلقي ظلاً طويلاً عليه. ولعل القادة البريطانيين لم يضعوا في حسابهم امكانية أن يكون الروس بتوسعهم جنوياً وشرقاً
(5) ماريان كنت الذفط والامبراطورية: السياسة البريطائية ونفط بلاد الرافدين, 197١-14٠١ (لندن مطبعة مكميلان لحساب مدرسة الاقتصاد في لندن: 19171): ص 5 والملحق 8.
38
عند مفترق الطرق في التاريخ
مكرهين على هذا التوسع بحتميات تاريخية داخلية لا علاقة لها بالهند أ بريطانيا. فقياصرة روسيا ووزراؤهم كانوا مؤمنين أن فتوحاتهم في الجنوب والشرق هي قدر بلادهم: تماماً كإيمان الأميركيين آنذاك ان قدرهم الواضح هى الاستيلاء على الغرب. وفي كلتا الحالتين كان حلم التحالي أن يملذوا قارة يقنامها من المفيط ال امضيط وفة! قا بينة المسنتشان الاميراطورى الروسي الأمير غورتشاكوف عام 1414 في مذكرة حددت أهداف بلاده. كانت حجته ان الحاجة الى حدود آمنة هي التي تجبر الروس على الاستمرار في التهام أنظمة الحكم العفنة الواقعة الى الجنوب من بلادهم. وقد نوه بأن: «الولايات المتحدة في أميركاء وفرنسا في الجزائر, وهولندة في مستعمراتها قد سيقت جميعها الى مسار للطموح فيه دور أصغر من دور الضرورة الملحة؛ وأصعب ما في الأمر معرفة نقطة التوقف»7".
وهذا ما خشيه البريطانيون: كانت خشيتهم ان روسيا لا تعرف أين ينبغي لها أن تتوقف. ومع انهماك مجتمع ترقى ديموقراطيته رقياً متزايداً. جيلاً اثرجيل؛ في الصراع مع روسيا ذات النظام المستبد. نشأت في نفوس البريطانيين كراهية لروسيا تجاوزت حدود الخلافات السياسية والاقتصادية المحددة التي تفرق بين البلدين. لقد أخذ البريطانيون يكرهون الروس لالمجرد ما يفعلون» وإنما لكونهم نقسا:
بيد أن أعضاء حزب الأحرار البريطاني: داخل البرلمان وخارجه؛ أخذوا في الآن نفسه يعبرون عن مقتهم لأنظمة الحكم الفاسدة المستبدة في الشرق الأوسدء التي كانت الحكومة البريطانية تساندها لحمايتها من التهديد الروسي. وهذا المقت انما كان يضرب على وتر حساس في أوسناط الناخبين في البلاد. فالفظائع التي اقترفتها الامبراطورية العثمانية وكانت الأقليات المسيحية ضحيتهاء ندّد بها تنديداً مدوياً زعيم حزب الأحرار وليم ايوارت غلادستون في حملته الانتخابية عام 18 التي اسقط فيها رئيس الوزراء المحافظ بنيامين ديزرائيلي» ايرل بيكونسفيلد, فحل محله في رئاسة الحكومة.
لقد ادعى غلادستون ان نظام حكم السلطان العثماني «هوة لا قعر لها ملأى بالغش والتزوين»!") فأعلن خلال ولاية حكومته التي استمرت من عام 188٠ الى 1885 براءة بريطانيا من العلاقة العثمانية؛ وسحبت الحكومة البريطانية حمايتها لاستانبول ونفوذها فيها. ولا كان الأتراك عاجزين عن الصمود وحدهم, فقد اتجهوا الى دولة أخرى طلباً للمساندة؛ الى ألمانيا بسمارك. وهكذا حلت ألمانيا محل بريطانيا لدى الباب العالي.
وعندما عاد المحافظون الى السلطة؛ كانت عوبتهم بعد فوات الأوان للتراجع عن سياستهم. ان روبرت سيسيلء مركيز سالزيوري الثالث (كان رئيساً للوزراء 1446 - 18445 18457 - ١4560 1900 1109-1500) أدرك أن الحكام العثمانيين يعرضون: بسوء
(1) الاقتباس في ارش سوينسون, الحدود الشمالية الغربية: الناس والأحداث, 1814 1947, (لندن: هاتشنسون, 1971), ص .١57 (1) م. س. اندرسون, الماساة الشرقية 177/4 1477: دراسة في العلاقات الدولية؛ (لندن وبيزينستوك:
اح
سلام ما بحده سلام
الادارة, سيادة بلادهم للخطر. وبد! له ان يستخدم ما تستطيع بريطانيا أن تمارس من نفوذ: لتوجيه نظام الحكم العثماني وإصلاحه الى حد ما . أما وقد يِدّد غلادستون هذا النفوذ, فقد قال سيسيل متفجعاً «لقد ألقوا بهذا النفون في اليمٌ, ولم ينالوا شيئاً بالمقابل»©.
(0)
كان دخول المانيا الى مسرح الأحداث؛ في استانبول وغيرهاء امارة بدء عصر جديد في السياسة العالمية. ان الامبراطورية الالمانية» التي أنشئت ت رسمياً في 14 كانون الثاني (يناير) ,١181/1١ أخذت خلال عقوب من السنين مكان روسياء باعتبارها الخطر الرئيس على المصالح البريطانية.
كان هذا في جانب منه عائداً الى الهبوط الصناعي النسبي في بريطانيا. ففي منتصف القرن التاسع عشي كانت بريطانيا تنتج نحو ثلثي الانتاج العالمي من الفحم الحجري؛ ونحو نصف انتاج العالم من الحديد؛ وأكثر من سبعين بالمئة من انتاج الفولاذ, وكانت الجزن البريطانية تنتج آنذاك ما يربى على أربعين بالمئة من تجارة السلع المصنعة في العالم. وكان نصف الانتاج الصناعي في العالم ملكا لبريطانياء غير ان هذا الرقم هبط في عام 181١١ الى اثنين وثلاثين بالمكة, وهبط مرة اخرى في عام 15١ الى ١5 بالمئة('". وتفوقت ألمانيا في صناعات أحدث وذات أهمية متزايدة كصناعة الكيميائيات والآلات الميكانيكية. بل ان وضع بريطانيا المتميز سابقاً في عالم المال كانت لها في عام 4 نسية ١؛ بالمئة من مجمل الاستثمارات الدولية!''! كان واجهة تخفي وراءها الانمدار. فقد آثر المستثمرون البريطانيون أن يضعوا أموالهم في مشروعات اقتصادية ناشطة في الأميركيتين وغيرهما من المناطق خارج بريطانيا.
وللعوامل العسكرية أيضاً دخل في الوضع. فإنشاء السكك الحديدية بدل تبديلاً جذرياً التواذن الاستراتيجي بين القوة البرية والقوة البحرية على حساب الثانية. ان سير هالفورد ماكيندر, الذي كان يوصف بأنه متنبىء الشؤون السياسية الجغرافية؛ أكد حقائق الواقع في وضع جديد؛ إذ يستطيع العدى في هذا الوضع أن ينقل بسرعة على الخطوط الحديدية جنوده وذخائره 0 مقصيدها مباشرة بواسطة الخط المستقيم, الذي يعني هندسياً أقرب مسافة بين نقطتين» بينما بتحتم على الأسطول البريطاني أن يبحر ببطء حول محيط قارة بكاملها فيصل متأخراً جداً.
وقد امتازت الامبراطورية الألمانية بشبكة خطوط حديدية جعلت من مملكة قيصر المانيا القوة العسكرية الأكثر تقدماً في العالم, وتضاءلت في ما يبدوسيادة بريطانيا البحرية المحفوفة بالخطر.
(4) الليدي غويندولين سيسيل, حياة روبرت مركيز سالزبوريء (لندن: هودر وستوتن» ١157)؛ المجلد ؟ ص 5055.
(9) بول كنيدي, الحقائق الواقعية خلف الدبلوماسية: التاثيرات الخلفية على السياسة الخارجية البريطانية 1815 -٠148؛ (غلاسكو: فونتانا. ,)154١ ص ؟. بول كنيدي؛ «مؤرخ للانحدار الامبراطوري يلقي نظرة على اميركاء (انترناشيونال هيرال تربيون)؛ (؟ تشرين الثاني / نوفمبر )١1185 ص .١
)٠١( ب. ل. كوتريل؛ الاستثمارات البريطانية في ما وراء البحار خلال القرن التاسع عشي, (لندن: مطبعة مكميلان, 191/0): ص 5.
عند مفترق الطرق في التاريخ
ان الاستنتاج الذي استخلصه وولتر بيجهوت» رئيس تحرير «الإكونومست» المجلة اللندنية ذات القاثيل هو ناته يفضيل اكانياء لم يعد هناك:ما يستد عي الخوف من التوسع الروس: .ان الفكرة القديمة القائلة ان روسيا بلغت شأواً بعيداً في القوة يستدعي أن ترهبها أوروبا... هي فكرة تعود الى عصر ما قبل المانياء"". ثم ان كارثة الهزيمة التي حلت بروسيا على يد اليابان )وبا اعقبها من انقاضات كورية"واسات ارون وق سائن انهاه روسيا عام 1505, دلت على أن جيوش القيصر الروسي لم تعد, بأية حال؛ ذات قوة تستدعي القلق.
وبالرغم من ذلك استمرت حكومة المحافظين البريطانيين برئاسة آرثر جيمس بلفور (؟40١ - 58 ف مثائعة القنافس القديم إلى تجانب تناف جدين إذال و #كمالف مع الباباد هيد ووييا فحسب, بل تحالفت أيضاً مع فرنسا ضد المانيا. غير أن سير ادوارد غراي؛ وزير الخارجية في حكومة الأحرار برئاسة هنري كامبل بانرمان: التي خلفت حكومة المحافظين )15١8-١15-5( رهم .سورة لهاتين السياستين قظهر اناقشنهماء فكتب يقول:
«ان روسيا حليفة فرنساء ولا يسعنا أن ننتهج في الحين عينه سياسة اتفاق مع فرنسا وبسياسة